رأى الكاتب حمد الرحمن في مقال نشره موقع ميدل إيست مونيتور أن تصريحات حديثة للإعلامي أحمد موفق زيدان، المستشار الإعلامي للرئيس السوري أحمد الشرع، التي دعا فيها جماعة الإخوان المسلمين السورية إلى حل نفسها، تعكس توجهًا جديدًا يهدف إلى تعزيز شرعية النظام وتصفية أي منافسين محتملين. وأوضح أن هذه الدعوة رُوِّج لها باعتبارها خطوة تخدم مصلحة البلاد في لحظة حرجة، لكنها تكشف في العمق عن صراع أوسع على السلطة والهوية السياسية في سوريا.
أشار الموقع إلى أن زيدان برر مطلبه بضرورة تجنب الانقسامات الداخلية واستثمار طاقات الشباب، بما في ذلك أبناء الإخوان، في مشروع "إعادة بناء سوريا" تحت قيادة الشرع. لكنه اعتبر أن الجماعة فشلت في مواكبة التحولات المحلية والإقليمية بسبب بنيتها القديمة وأسلوبها التقليدي وعجزها عن تجديد خطابها، وهو ما يجعل حلها الخيار الأفضل. ودعاها إلى السير على خطى تيارات إسلامية أكثر براغماتية مثل تجربة حسن الترابي في السودان، وراشد الغنوشي في تونس، ورجب طيب أردوغان في تركيا.
غير أن المقال لفت إلى أن هذه القراءة تتجاهل تاريخ الجماعة في مواجهة نظام الأسد الأب والابن، وقدرتها على البقاء رغم القمع الدموي لعقود. فالإخوان، الذين ظهروا منذ 1945 بجهود مصطفى السباعي، حافظوا على إرث طويل من التعبئة والتنظيم، وظلوا فاعلًا سياسيًا واجتماعيًا رغم التهميش. كما أظهروا مرونة في التكيف مع التحولات، وشاركوا في تحالفات مع قوى المعارضة، مثل المجلس الوطني السوري بعد 2011، مؤكدين أنهم ليسوا مجرد خصم عابر بل مكوّن متجذر في المجتمع السوري.
استعرض المقال الخلفية التاريخية للجماعة، موضحًا أنها نشأت من رحم جمعيات إصلاحية برزت في العهد العثماني والانتداب الفرنسي. لذلك تميّزت بطابع محلي براجماتي أكثر من ارتباطها الحرفي بالتنظيم العالمي. ونجحت عبر عقود في بناء علاقات وثيقة مع العلماء، على خلاف الحالة المصرية حيث اصطدمت الإخوان بالسلطات الدينية الرسمية. كما تبنّت مواقف متوازنة تجاه قضايا إقليمية: رحبت بدور السعودية في دعم إعادة إعمار سوريا، وواصلت رفضها للنفوذ الإيراني وتحالف طهران مع آل الأسد منذ الثمانينيات.
وأوضح المقال أن الخلاف الحالي لا يمكن اختزاله في صراع مذهبي سني–شيعي أو في تنافس داخلي بين تيارات سنية، بل يتعلق بتوازن دقيق بين المعارضة المبدئية للنظام وبين استعداد الجماعة لاعتماد نهج براغماتي يخدم المصلحة الوطنية.
وفسّر المقال دعوة زيدان إلى حل الجماعة بعدة عوامل. أولها سعي النظام إلى توحيد الأصوات وتعزيز قبضته على السلطة. ثانيها رغبة دمشق في التقارب مع محور إقليمي معادٍ للإخوان، خاصة السعودية والإمارات ومصر. ثالثها تراجع الدعم التقليدي من تركيا وقطر، حيث عدّلت أنقرة منذ 2021 مواقفها وضيّقت على الإعلام الإخواني في إطار مصالحة مع القاهرة. كما رأى بعض المحللين أن الخطوة تعكس صراعًا على السلطة بين منطق المشاركة ومنطق الاحتكار، في وقت يسعى النظام لتقديم رسالة مطمئنة للغرب بأنه تخلّى عن أي صلة بالمشروع الإسلامي الذي التصق بالإخوان تاريخيًا.
انتقد المقال طرح زيدان، مشيرًا إلى أن الإخوان السوريين يختلفون عن نظرائهم في مصر، إذ انحدر معظم قياداتهم من طبقات متعلمة دمجت بين الفقه والشريعة والقانون المدني. وأظهروا انفتاحًا فكريًا وقدرة على التكيّف عندما أتيحت لهم الفرصة. فقد شاركوا بفاعلية في الحياة البرلمانية قبل وصول حافظ الأسد إلى السلطة، ودافعوا عن العملية الديمقراطية. ولولا القمع الممنهج لكانوا طوروا خطابًا سياسيًا أكثر تطورًا مثل نظرائهم في تونس أو تركيا.
خلص الكاتب إلى أن مستقبل الجماعة يظل مؤشرًا على مسار السياسة السورية. فإذا فُرض حلها، ستخسر الساحة صوتًا معارضًا يجمع بين المرجعية الدينية والإصلاح السياسي وبناء التحالفات. أما إذا أُتيح لها مجال للعمل، فقد تعود لتلعب دورًا معتدلًا يوازن بين الاستبداد والتطرف، ويساهم في إعادة صياغة هوية سوريا بعد الحرب. وطرح تساؤلًا جوهريًا: هل يختار النظام التضحية بالتعددية الأيديولوجية لصالح استقرار قصير المدى، أم يسمح للإخوان بالتحول والاندماج في مشروع وطني جامع؟
أكد المقال أن الإجابة عن هذا السؤال ستحدد ليس فقط ملامح سوريا المستقبلية، بل أيضًا مصير الحركات الإسلامية في مرحلة "ما بعد الإسلاموية" عبر المنطقة.
https://www.middleeastmonitor.com/20250906-syria-the-muslim-brotherhood-and-al-sharaas-manoeuvring/